السبت، 2 مايو 2020

مصطفى يونس يكتبـ : "زمن الكورونا: ثقب الأوزون وثقب محمد رمضان"

بعد أن أثبتت لنا جائحة كورنا إمكانية الاستغناء عن ماكدونالدز وكنتاكي وغيرها من ماركات الطعام المضر، ما الضير لو استغنينا عن كل هؤلاء النجوم ولاعبي الكرة لهذا العام أيضا؟ وتوفرت تلك الميزانيات المليونية لدعم الاقتصاد والمتضررين والقطاع الصحي والتعليمي المتهاوي. 
نعم، أعرف أنها ميزانيات ليست من جيب الدولة ولا مال الشعب ولكن رؤوس الأموال تلك كانت ستتجه حتما لاتجاه آخر غير الترفيه.. ولن تتجه للخارج أيضا لعدم الإمكانية في الوقت الحالي..
أثبت المستوى الفني المتدني لأغلب الأعمال المقدمة مؤخرا بأنها تخلت بشكل كبير عن تأدية الرسالة الأساسية للفن، وهي التثقيف وتنمية المشاعر لدى الأفراد، وهو مالم يتحقق..
كمشاهدين كنا سنحضر الحلقات المعادة لروائع مثل ليالي الحلمية ورأفت الهجان والعائلة بمنتهى التلذذ كما كنا نفعل دوما، بل كانت ستكون فرصة لأجيال لم تحضر هذه الأعمال وغيرها مما يعتبر أيقونات فنية لم تتكرر في تاريخ الفن المصري والعربي..
لا أعرف ما الفائدة الفعلية من مسلسلات بعضها يكرس ويعطي مبررا للممارسات الصهيونية في الأراضي المحتلة، وهو يعدد مظاهر اضطهاد لم تكن موجودة في المجتمع العربي لليهود الذي يثبت التاريخ أن سبب هجرتهم من الكويت هو انهيار تجارتهم بسبب اسبوع كامل من المطر في سنة من السنين.
المعروف عن الأزمات عبر التاريخ أنها كانت دوما فرصة لمراجعة الذات والأولويات وفرصة لعموم الوعي في مقابل التغييب.
ولكن الواضح أن أزمتنا تلك لم تفعل شيئا لوعينا، بل اكتفت بطحن ضلوعنا، والقسوة على فقرائنا، وتكسير مجاديفنا، ووقف حالنا دون أن تفعل بعقولنا شيئا يذكر.
إن هذه الأزمة في نظري كانت بمثابة بوق يدعونا كشعوب ومجتمعات ونظم سياسية لصحوة من إعادة النظر، وترتيب الأولويات، ولكن هذا للأسف لم يحدث..
مازال محمد رمضان فنانا..
ومازال أحمد موسى إعلاميا..
ومازلنا نجلد بعضنا بعضا على مواقع التواصل الاجتماعي..
فتخرج علينا الفنانات لتكيل فلانة لفلانة الشتائم، وتهاجم علانة ترتانة، وكأن مواقع التوصل الاجتماعي ما صنعت إلا لتعرينا أمام أنفسنا وتفضح سفاهتنا وقلة وعينا اللتان لم ينجح في تغييرهما شيء، ولا حتى كارثة مثل تلك التي تعصف بكل حياتنا التي ألفناها.
حسنا..لا يجب أن نتمادى في جلد ذواتنا، ولكن الأمر حقا يحتاج منا إلى إفاقة، وفرصة لاعادة ترتيب بيتنا من الداخل. المجتمع الذي أغلق المسجد والكنيسة تفاديا لتفشي المرض ( وهو بالمناسبة إجراء محل التأييد) كان أولى به أيضا إغلاق الاستوديوهات وإيقاف نزيف الملايين التي لا طائل من إهدارها في الوقت الحالي. 
لقد أوقفنا المصانع والمولات التي توفر للمواطن سلعه الأساسية، أفليس من العبث أن أجلس للفرجة على مسلسل بملايين الجنيهات، ولا أجد سلعة أساسية أو غير أساسية بسبب اغلاق مصنعها أو توقف استيرادها بسبب الوباء، أو - وهو الأوقع- بسبب عدم توافر ثمنها في جيبي.
هي حكمة الله أن ينتشر بيننا الوباء؛ فينصلح حال ثقب الأوزون، ولا تنصلح ثقوب أثوابنا، ولا تستر لنا عيبا ولا سوءة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخر التعليقات

جديد

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *